عهده وأكبر ولده: يا أمير المؤمنين، إنه من طال عمره فقد أحبّته، ومن قصر عمره كانت مصيبته في نفسه؛ فلو لم يكن في ميزانك لكنت في ميزانه! وكتب الحسن بن أبي الحسن إلى عمر بن عبد العزيز يعزّيه في ابنه عبد الملك:
وعوّضت أجرا من فقيد، فلا يكن ... فقيدك لا يأتي وأجرك يذهب
[لابن جريح يعزي ابن الأهتم:]
العتبي قال: قال عبد الله بن الأهتم: مات لي ابن وأنا بمكة، فجزعت عليه جزعا شديدا؛ فدخل عليّ ابن جريح يعزيني، فقال لي: يا أبا محمد، اسل صبرا واحتسابا، قبل أن تسلو غفلة ونسيانا كما تسلو البهائم.
وهذا الكلام لعليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه يعزي الأشعث بن قيس في ابن له، ومنه أخذ ابن جريح؛ وقد ذكره حبيب في شعره فقال:
وقال عليّ في التّعازي لأشعث ... وخاف عليه بعض تلك المآثم
أتصبر للبلوى عزاء وحسبة ... فتؤجر أم تسلو سلوّ البهائم
[علي والأشعث في وفاة ابنه:]
أتى عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه لأشعث يعزيه عن ابنه، فقال: إن تحزن فقد استحقت ذلك منك الرحم، وإن تصبر فإن في الله خلفا من كل هالك، مع أنك إن صبرت عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت آثم.
وعزّى ابن السماك رجلا فقال: عليك بالصبر، فبه يعمل من احتسب، وإليه يصير من جزع، واعلم أنه ليست مصيبة إلا ومعها أعظم منها، من طاعة الله فيها أو معصيته بها.