فالصفح عن زلل الصّديق وإن ... أعياك خير من معاندته
ولعبد الصمد بن المعذّل:
من لم يردك ولم ترده ... لم يستفيدك ولم تفده
قرّب صديقك ما نأى ... وزد التّقارب واستزده
وإذا وهت أركان ... من أخي ثقة فشده «١»
[باب من أخبار الخوارج]
[الخوارج وعلي بن أبي طالب:]
لما خرجت الخوارج على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانوا من أصحابه، وكان من أمر الحكمين ما كان واختداع عمرو لأبي موسى الأشعري، قالوا: لا حكم إلا لله. فلما سمع عليّ رضي الله عنه نداءهم. قال: كلمة حق يراد بها باطل، وإنما مذهبهم ألّا يكون أمير، ولا بد من أمير برّا كان أو فاجرا. وقالوا لعليّ: شككت في أمرك، وحكّمت عدوّك في نفسك. وخرجوا إلى حروراء، وخرج إليهم عليّ رضي الله عنه، فخطبهم متوكّئا على قوسه، وقال:
هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة «٢» ، أنشدكم الله، هل علمتم أن أحدا كان أكره للحكومة مني؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفعلمتم أنكم أكرهتموني عليها حتى قبلتها؟ قالوا اللهم نعم. قال: فعلام خالفتموني ونابذتموني؟ قالوا: إنا أتينا ذنبا عظيما فتبنا إلى الله منه، فتب إلى الله منه. واستغفره نعد إليك. فقال علي: إني أستغفر الله من كل ذنب. فرجعوا معه وهم في ستة آلاف. فلما استقرّوا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّا رجع عن التحكيم وتاب منه ورآه ضلالا. فأتى الأشعث بن قيس عليّا رضي الله عنه،