ألا أبلغ أبا حنش رسولا ... فمالك لا تجيء إلى الثّواب
تعلّم أنّ خير الناس ميتا ... قتيل بين أحجار الكلاب
تداعت حوله جشم بن بكر ... وأسلمه جعاسيس الرباب «١»
ومما يدل على أن بكرا كانت مع شرحبيل قول الأخطل:
أبا غسّان إنّك لم تهنّي ... ولكن قد أهنت بني شهاب
ترقّوا في النخيل وأنسئونا ... دماء سراتكم يوم الكلاب «٢»
[يوم الصفقة: ويوم الكلاب الثاني]
قال أبو عبيدة: أخبرنا أبو عمرو بن العلاء قال: كان يوم الكلاب متصلا بيوم الصفقة، وكان من حديث الصفقة أن كسرى الملك كان قد أوقع ببني تميم فأخذ الاموال وسبى الذراري بمدينة هجر. وذلك أنهم أغاروا على لطيمة «٣» له فيها مسك وعنبر وجوهر كثير، فسمّيت تلك الوقعة يوم الصفقة، ثم إن بني تميم أداروا أمرهم، فقال ذو الحجى منهم: إنكم قد أغضبتم الملك، وقد أوقع بكم حتى وهنتم، وتسامعت بما لقيتم القبائل، فلا تأمنون دوران العرب! فجمعوا سبعة رؤساء منهم، وشاوروهم في أمرهم، وهم: أكثم بن صيفي الأسيدي، والأعيمر بن يزيد بن مرة المازني، وقيس بن عاصم المنقري، وأبير بن عصمة التيمي، والنعمان بن الحسحاس التيمي، وأبير بن عمرو والسعدي، والزبرقان ابن بدر السعدي، فقالوا لهم: ماذا ترون؟ فقال اكثم بن صيفي، وكان يكني أبا حنش: إن الناس قد بلغهم ما قد لقينا، نحن نخاف أن يطمعوا فينا. ثم مسح بيده على قلبه وقال: إني قد نيّفت على التسعين، وانما قلبي بضعة من جسمي، وقد نحل كل جسمي، وإني أخاف ان لا يدرك ذهني الرأي لكم، وأنتم قوم قد شاع في الناس