فقالت وأرخت جانب السّتر إنما ... معي فتحدّث غير ذي رقبة أهلي
فقلت لها مالي لهم من ترقّب ... ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي
حتى انتهى إلى قوله:
فلما توافقنا عرفت الذي بها ... كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل
فقال الفرزدق: هذا والله الذي أرادت الشعراء أن تقوله فأخطأته وبكت على الطلول. وإنما عارض بهذا الشعر جميلا في شعره الذي يقول فيه:
خليليّ فيما عشتما هل رأيتما ... قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلي
فلم يصنع عمر مع جميل شيئا.
[لابن عبد ربه:]
ومن قولنا في رقة التشبيب والشعر المطبوع الذي ليس بدون ما تقدم ذكره:
صحا القلب إلّا خطرة تبعث الأسى ... لها زفرة موصولة بحنين
بلى ربما حلّت عرى عزماته ... سوالف آرام وأعين عين»
لواقط حبات القلوب إذا رنت ... بسحر عيون وانكسار جفون
وريط متين الوشى أينع تحته ... ثمار صدور لا ثمار غصون «٢»
برود كأنوار الرّبيع لبسنها ... ثياب تصاب لا ثياب مجون
فرين أديم الليل عن نور أوجه ... تجنّ بها الألباب أيّ جنون «٣»
وجوه جرى فيها النعيم فكلّلت ... بورد خدود يجتنى وعيون
سألبس للأيام درعا من العزا ... وإن لم يكن عند اللّقا بحصين
فكيف ولي قلب إذا هبّت الصّبا ... أهبّ بشوق في الضّلوع دفين «٤»