أحدهم قد علق جعبة فارسية منتفخة الطرفين قد شبكت بالخيوط، وقد ألبست قطعة فرو، كأنهم يخافون عليها القر؛ ثم بدا الثاني فاستخرج من كمه هنة كفيشلة الحمار، فوضع طرفها في فيه فضرط فيها، ثم حسب على جحرة فاستخرج منها صوتا مشاكلا بعضه بعضا؛ ثم بدا الثالث وعليه قميص وسخ، وقد غرق رأسه بالدهن معه مرآتان، فجعل يمري إحداهما على الأخرى؛ ثم بدأ الرابع عليه قميص قصير وسراويل قصيرة، فجعل يقفز صلبه، ويهز كتفيه، ثم التبط بالأرض، فقلت: معتوه وربّ الكعبة. ثم ما برح مكانه حتى كان أغبط القوم عندي. ثم أرسلت إلينا النساء أن أمتعونا من لهوكم. فبعثوا بهم إليهن، وبقيت الأصوات تدور في آذاننا؛ وكان معنا في البيت شاب لا آبه له، فعلت الأصوات له بالدعاء، فخرج فجاء بخشبة في يده، عينها في صدرها، فيها خيوط أربعة، فاستخرج من جوانبها عودا فوضعه على أذنه، ثم زمّ الخيوط الظاهرة، فلما أحكمها عرك أذنها فنطق فوها، فإذا هي أحسن قينة رأيتها قط [وغنّى عليها] فاستخفّني حتى قمت من مجلسي فجلست إليه فقلت:
بأبي أنت وأمي، ما هذه الدابة؟ قال: يا أعرابي، هذا البربط «١» . قلت: فما هذه الخيوط؟ قال: أما الأسفل فزير، والذي يليه مثنى، والذي يليه مثلث. والذي يليه بمّ. فقلت: آمنت بالله.
[لأعرابي في تمر:]
وقال أعرابي. تمرنا خنس فطس، يغيب فيهن الضرس، كأن فاها ألسن الطير، تقع التمرة منها في فيك، فتجد حلاوتها في كعبك.
[أعرابي على سفرة سليمان:]
وحضر أعرابي سفرة سليمان بن عبد الملك، فلما أتي بالفالوذج «٢» جعل يسرع فيه، فقال سليمان: أتدري ما تأكل يا أعرابي؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين، إني لأجد ريقا