[لأبي نواس يرثي جارية:]
وجدوا على قبر جارية إلى جنب قبر أبي نواس أبياتا، ذكروا أن أبا نواس قالها، وهي:
أقول لقبر زرته متلثّما ... سقى الله برد العفو صاحبة القبر
لقد غيّبوا تحت الثرى قمر الدجى ... وشمس الضّحى بين الصّفائح والقفر
عجبت لعين بعدها ملّت البكا ... وقلب عليها يرتجي راحة الصبر
وقال حبيب الطائي يرثي جارية أصيب بها:
جفوف البلى أسرعت في الغصن الرطب ... وخطب الرّدى والموت أبرحت من خطب
لقد شرقت في الشرق بالموت غادة ... تبدّلت منها غربة الدار في القرب
وألبسني ثوبا من الحزن والأسى ... هلال عليه نسج ثوب من التّرب
وكنت أرجّي القرب وهي بعيدة ... فقد نقلت بعدي عن البعد والقرب
أقول وقد قالوا استراحت لموتها ... من الكرب روح الموت شرّ من الكرب
لها منزل تحت الثّرى وعهدتها ... لها منزل بين الجوانح والقلب «١»
وقال يرثيها:
ألم ترني خلّيت نفسي وشانها ... ولم أحفل الدنيا ولا حدثانها
لقد خوّفتني النائبات صروفها ... ولو أمّنتني ما قبلت أمانها
وكيف على نار الليالي معرّس ... إذا كان شيب العارضين دخانها
أصبت بخود سوف أغبر بعدها ... حليف أسى أبكي زمانا زمانها «٢»
عنان من الّلذات قد كان في يدي ... فلما قضى الالف استردّت عنانها
منحت المها هجري فلا محسناتها ... أريد ولا يهوى فؤادي حسانها
يقولون هل يبكي الفتى لخريدة ... إذا ما أراد اعتاض عشرا مكانها «٣»