وقال أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم: قدم علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما في الأنصار بيت إلا وهو يقول الشعر. قيل له: وأنت أبا حمزة؟ قال: وأنا وقال عمرو بن العاص يوم صفّين:
شبّت الحرب فأعددت لها ... مفرّع الحارك محبوك الثّبج «١»
يصل الشّدّ بشدّ فإذا ... ونت الخيل عن الشّ معج «٢»
جرشع أعظمه جفرته ... فإذا ابتلّ من الماء خرج «٣»
وقال عبد لله بن عمرو بن العاص:
فلو شهدت جمل مقامي ومشهدي ... بصفّين يوما شاب منها الذوائب
عشيّة جا أهل العراق كأنهم ... سحاب ربيع زعزعتها الجنائب «٤»
وجئناهم نردي كأنّ صفوفنا ... من البحر مدّ موجه متراكب
إذا قلت قد ولّوا سراعا بدت لنا ... كتائب منهم فارجحنّت كتائب «٥»
فدارت رحانا واستدارت رحاهم ... سراة النهار ما توالى المناكب
وقالوا لنا إن نرى ان تبايعوا ... عليّا فقلنا بل نرى أن نضارب
[ومن شعراء التابعين]
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو أحد السبعة من فقهاء المدينة، وله يقول سعيد بن المسيب: أنت الفقيه الشاعر؟ [قال] : لا بدّ للمصدور أن ينفث. يعني أنه من كان في صدره زكام فلا بدّ أن ينفث به زكمة صدره: يريد أن كل من اختلج في صدره شيء من شعر أو غيره ظهر على لسانه.