وقال الليث بن سعد: كان عمر أوّل من جنّد الأجناد، ودوّن الدواوين، وجعل الخلافة شورى بين ستّة من المسلمين، وهم: علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف؛ ليختاروا منهم رجلا يولونه أمر المسلمين، وأوصى أن يحضر عبد الله بن عمر معهم، وليس له من أمر الشورى شيء.
[أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان]
صالح بن كيسان قال: قال ابن عباس: دخلت على عمر في أيام طعنته وهو مضطجع على وسادة من أدم «١» ، وعنده جماعة من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم؛ فقال له رجل؛ ليس عليك بأس! قال:
لئن لم يكن عليّ اليوم ليكونن بعد اليوم. وإن للحياة لنصيبا من القلب، وإن للموت لكربة، وقد كنت أحبّ أن أنجّي نفسي وأنجو منكم، وما كنت من أمركم إلا كالغريق يرى الحياة فيرجوها ويخشى أن يموت دونها، فهو يركض بيديه ورجليه، وأشدّ من الغريق الذي يرى الجنة والنار وهو مشغول. ولقد تركت زهرتكم كما هي ما لبستها فأخلقتها، وثمرتكم يانعة في أكمامها ما أكلتها، وما جنيت ما جنيت إلا لكم، وما تركت ورائي درهما ما عدا ثلاثين أو أربعين درهما.
ثم بكى وبكى الناس معه، فقلت: يا أمير المؤمنين، أبشر، فو الله لقد مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنك راض، ومات أبو بكر وهو عنك راض، وإن المسلمين رضوان عنك.