الخامسة الصبر، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ من لا صبر له لا إيمان له، ومن لا رأس له لا جسد له: ولا خير في قراءة إلا بتدبّر ولا في عبادة إلا بتفكّر، ولا في حلم إلا بعلم؛ ألا أنبئكم بالعالم كل العالم؟ من لم يزين لعباد الله معاصي الله، ولم يؤمّنهم مكره، ولم يؤيسهم من روحه. لا تنزلوا المطيعين الجنة ولا المذنبين الموحدين النار حتى يضي الله فيهم بأمره؛ ولا تأمنوا على خير هذه الأمة عذاب الله؛ فإنه يقول: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ
«١» ولا تقنطوا شر هذه الأمة من رحمة الله، ف إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ
«٢» .
ومن كلامه رضوان الله عليه: قال ابن عبّاس: لما فرغ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه من وقعة الجمل، دعا بآجرّتين فعلاهما، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يا أنصار المرأة وأصحاب البهيمة! رغا فأجبتم وعقر فهربتم؛ دخلت شرّ بلاد [أقربها من الماء، و] أبعدها من السماء. بها يغيض كل ماء، ولها شرّ أسماء: هي البصرة، والبصيرة، والمؤتفكة، وتدمر. أين ابن عبّاس؟ فدعيت. فقال لي: مر هذه المرأة فلترجع إلى بيتها الذي أمرت أن تقرّ فيه.
وتمثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد الحكمين:
زللت فيكم زلّة فأعتذر ... سوف أكيس بعدها وأشتمر «٣»
وأجمع الأمر الشّتيت المنتشر
[خطب معاوية]
قال القحذمي: لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة تلقّاه رجال قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك، وأعلى كعبك. قال: فوالله ما ردّ عليهم شيئا حتى صعد المنبر؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: