ثم إن أبا العباس أتى بجوهر مروان فجعل يقلبه وعبد الله بن الحسن عنده، فبكى عبد الله، فقال له: ما يبكيك يا أبا محمد؟ قال: هذا عند بنات مروان وما رأت بنات عمك مثله قط؟ قال: فحباه «١» به، ثم أمر ابن مقرّن الصيرفيّ أن يصل إليه ويبتاعه منه، فاشتراه منه بثمانين ألف دينار. ثم حضر خروج بني حسن فأرسل معهم رجلا من ثقاته، ثم قال له: قم بإنزالهم ولا تأل في إلطافهم؛ وكلما خلوت معهم فأظهر الميل إليهم والتحامل علينا وعلى ناحيتنا، وأنهم أحق بالأمر منا، وأحص لي ما يقولون وما يكون منهم في مسيرهم ومقدمهم.
[استيحاش السفاح من ابن حسن:]
ومما كان خشن قلب أبي العباس حتى أساء بهم الظن، أنه لما بنى مدينة الأنبار دخلها مع أبي جعفر أخيه وعبد الله بن الحسن، وهو يسير بينهما ويريهما بنيانه وما أقام فيها من المصانع والقصور؛ فظهرت من عبد الله بن الحسن فلتة، فجعل يتمثل بهذه الأبيات:
ألم تر جوشنا قد صار يبني ... قصورا نفعها لبني نفيله «٢»
يؤمل أن يعمّر عمر نوح ... وأمر الله يحدث كلّ ليله!
قال: فتغير وجه أبي العباس؛ وقال له أبو جعفر: أتراهما ابنيك أبا محمد والأمر إليهما صائر لا محالة؟ قال: لا والله ما ذهبت هذا المذهب ولا أردته، ولا كانت إلا كلمة جرت على لساني لم ألق لها بالا.