فإن إمام سال عن فاضل ... فادلل على العاقل لا أمّ لك
[هوذة وكسرى:]
وكان هوذة بن علي الحنفيّ يجير لطيمة كسرى في كل عام- واللطيمة عير تحمل الطيب والبزّ- فوفد على كسرى، فسأله عن بنيه، فسمّى له عددا. فقال:
أيهم أحبّ إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يرجع، والمريض حتى يفيق «١» . فقال له: ما غذاؤك في بلدك؟ قال: الخبز. فقال كسرى لجلسائه: هذا عقل الخبز. يفضّله على عقول أهل البوادي الذين غذاؤهم اللبن والتمر.
وهوذة بن علي الحنفيّ هو الذي يقول فيه أعشى بكر:
من ير هوذة يسجد غير متّئب ... إذا تعصّب فوق التاج أو وضعا «٢»
له أكاليل بالياقوت فصّلها ... صوّاغها لا ترى عيبا ولا طبعا
وقال أبو عبيدة عن أبي عمرو: لم يتتوّج معدّيّ قط، وإنما كانت التيجان لليمن.
فسألته عن هوذة بن علي الحنفي، فقال: إنما كانت خرزات تنظم له.
وقد كتب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي يدعوه إلى الاسلام كما كتب إلى الملوك.
وفي بعض الحديث: إن الله عز وجل لما خلق العقل قال: أقبل! فأقبل، ثم قال له:
أدبر! فأدبّر. فقال: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك، ولا وضعتك إلا في أحبّ الخلق إليّ. ولما خلق الحمق قال له: أقبل. فأدبر. ثم قال له: أدبر.
فأقبل. فقال: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أبغض إليّ منك، ولا وضعتك إلا في أبغض الخلق إليّ.
وبالعقل أدرك الناس معرفة الله عز وجل؛ ولا يشكّ فيه أحد من أهل العقول؛ يقول الله عز وجل في جميع الأمم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ