إن شاء أمير المؤمنين أنشدته ما هو أرق من هذا وأحلى، وأصلب وأقوى، لرجل من أهل البادية. قال: فإني أشاء. قال: وأترنم به يا أمير المؤمنين قال: وذلك لك. فغنى لجرير:
إنّ الذين غدوا بلبّك غادروا ... وشلا بعينك لا يزال معينا
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
راحوا العشيّة روحة مذكورة ... إن حرن حرنا أو هدين هدينا
فرموا بهنّ سواهما عرض الفلا ... إن متن متنا أو حيين حيينا
قال: صدقت يا عبثرة! وخلع عليه واجازه.
[زرياب]
وكان لابراهيم الموصلي عبد أسود يقال له زرياب، وكان مطبوعا على الغناء علمه ابراهيم؛ وكان ربما حضر به مجلس الرشيد يغني فيه، ثم إنه انتقل إلى القيروان، إلى بني الاغلب، فدخل على زيادة الله بن الاغلب، فغناه بأبيات عنترة الفوارس، حيث يقول:
فان تك أمّي غرابية ... من أبناء حام بها عبتني
فإني لطيف ببيض الظّبا ... وسمر العوالي إذا جئتني
ولولا فرارك يوم الوغى ... لقدتك في الحرب أوقدتني
فغضب زيادة الله، فأمر بصفع قفاه واخراجه، وقال له: إن وجدت في شيء من بلدي بعد ثلاثة ايام ضربت عنقك! فجاز البحر إلى الاندلس، فكان عند الامير عبد الرحمن بن الحكم.
[قند]
وكان في المدينة في الصدر الاول مغنّ يقال له قند، وهو مولى سعد بن أبي وقاص، وكانت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها تستظرفه، فضربه سعد، فحلفت