دخل المغيرة بن شعبة على زوجته فارعة، فوجدها تتخلل «١» حين انفتلت «٢» من صلاة الغداة، فقال لها: إن كنت تتخللين من طعام البارحة، فإنك قذرة، وإن كان من طعام اليوم إنك لنهمة؛ كنت فبنت «٣» ! قالت: والله ما فرحنا إذ كنا، ولا أسفنا إذ بنّا؛ وما هو بشيء مما ظننت، ولكني استكت فأردت أن أتخلل للسواك! فندم المغيرة على ما بدر منه، فخرج أسفا، فلقي يوسف بن أبي عقيل، فقال له: هل لك إلى شيء أدعوك إليه؟ قال: وما ذاك؟ قال: إني نزلت الساعة عن سيدة نساء ثقيف، فتزوّجها، فإنها تنجب لك. فتزوّجها فولدت له الحجاج.
ومما رواه عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: إن الحجاج بن يوسف كان يعلّم الصبيان بالطائف، واسمه كليب؛ وأبوه يوسف معلم أيضا. وفي ذلك يقول مالك بن الرّيب:
فماذا عسى الحجاج يبلغ جهده ... إذا نحن جاوزنا حفير زياد
فلولا بنو مروان كان ابن يوسف ... كما كان عبدا من عبيد إياد
زمان هو العبد المقرّ بذلّه ... يراوح صبيان القرى ويغادي «٤»
ثم لحق الحجاج بن يوسف بروح بن زنباع وزير عبد الملك بن مروان، فكان في عديد شرطته، إلى أن شكا عبد الملك بن مروان ما رأى من انحلال العسكر، وأن الناس لا يرحلون برحيله ولا ينزلون بنزوله. فقال روح بن زنباع: يا أمير المؤمنين، إن في شرطتي رجلا لو قلّده أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحلهم برحيله وأنزلهم بنزوله. يقال له الحجاج بن يوسف! قال: فإنا قد قلّدناه ذلك. فكان لا يقدر أحد [أن] يتخلف عن الرحيل والنزول، إلا أعوان روح بن زنباع؛ فوقف عليهم يوما