منّتك نفسك في الخلاء ضلالة ... أغراك عمرو للشّقا وسعيد
قال سعيد بن العاصي: هي والله القائلة:
قد كنت أطمع أن أموت ولا أرى ... فوق المنابر من أميّة خاطبا
فالله أخّر مدّتي فتطاولت ... حتى رأيت من الزمان عجائبا
في كلّ يوم للزمان خطيبهم ... بين الجميع لآل أحمد عائبا
ثم سكتوا. فقالت: يا معاوية، كلامك أعشى بصري وقصّر حجّتي، أنا والله قائلة ما قالوا، وما خفي عليك مني أكثر. فضحك وقال: ليس يمنعنا ذلك من برّك.
اذكري حاجتك قالت: أمّا الآن فلا.
[وفود الزرقاء على معاوية]
عبيد الله بن عمرو الغسّاني عن الشّعبي قال: حدّثني جماعة من بني أمية ممن كان يسمر مع معاوية قالوا: بينما معاوية ذات ليلة مع عمرو وسعيد وعتبة والوليد، إذ ذكروا الزرقاء ابنة عدي بن غالب بن قيس الهمدانية، وكانت شهدت مع قومها صفّين، فقال: أيّكم يحفظ كلامها؟ قال بعضهم: نحن نحفظه يا أمير المؤمنين. قال:
فأشيروا عليّ في أمرها. فقال بعضهم: نشير عليك بقتلها. قال: بئس الرأي أشرتم به عليّ؛ أيحسن بمثلي أن يتحدّث عنه أنه قتل امرأة بعد ما ظفر بها.
فكتب إلى عامله بالكوفة أن يوفدها إليه مع ثقة من ذوي محارمها وعدّة من فرسان قومها، وأن يمهّد لها وطاء لينا، ويسترها بستر خصيف «١» ، ويوسّع لها في النفقة؛ فأرسل إليها عامله فأقرأها الكتاب، فقالت: إن كان أمير المؤمنين جعل الخيار إليّ فإني لا آتيه، وإن كان حتم فالطاعة أولى. فحملها وأحسن جهازها على ما أمر به.