وقال عليه السّلام لهم أيضا: عجبا لكم، تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل؛ ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل.
وقال يحيى بن زكريا عليه السّلام للمكذّبين من بني إسرائيل: يا نسل الأفاعي، من دلّكم على الدخول في المساخط الموبقة بكم؟ ويلكم! تقرّبوا بعمل صالح، ولا تغرّنكم قرابتكم من إبراهيم عليه السّلام. فإن الله قادر على أن يستخرج من هذه الجنادل «١» نسلا لإبراهيم. إن الفأس قد وضعت في أصول الشجر، فأخلق بكلّ شجرة مرّة الطعم أن تقطع وتلقى في النار.
وقال شعياء لبني إسرائيل: إذ أطلق الله لسانه بالوحي: إن الدابة تزداد على كثرة الرياضة لينا، وقلوبكم لا تزداد على كثرة الموعظة إلا قسوة. إنّ الجسد إذا صلح كفاه القليل من الطعام، وإن القلب إذا صحّ كفاه القليل من الحكمة. كم من سراج قد أطفأته الريح، وكم عابد قد أفسده العجب. يا بني إسرائيل، اسمعوا قولي، فإن قائل الحكمة وسامعها شريكان، وأولاهما بها من حقّقها بعمله.
وقال المسيح صلّى الله عليه وسلم: إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذ نظر الناس إلى ظاهرها، وإلى آجلها إذ نظروا إلى عاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا ما علموا أن سيتركهم؛ هم أعداء لما سالم الناس، وسلم لما عادى الناس، لهم خير، وعندهم الخبر العجيب، بهم نطق الكتاب وبه نطقوا، وبهم علم الهدى وبه عملوا، لا يرون أمانا دون ما يرجون، ولا خوفا دون ما يحذرون.
داود عليه السّلام:
وهب بن منبه قال: قال داود عليه السّلام: يا رب، ابن آدم ليس منه شعرة إلا