أنه قال:«من ملك على عشرة رقاب من المسلمين جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، حتى يفكه العدل أو يوبقه «١» الجور» ! وايم الله إني لأحب إليّ أن أحشر مع أبي بكر وعمر مغلولا من أن أحشر معكم مطلقا.
[الحجاج يخطب أهل العراق بعد مرضه:]
ومرض الحجاج، ففرح أهل العراق وقالوا: مات الحجاج! مات الحجاج! فلما أفاق صعد المنبر وخطب الناس فقال:
يأهل العراق، يأهل الشقاق والنفاق، مرضت فقلتم: مات الحجاج! أما والله لأحب إليّ أن أموت من أن لا أموت، وهل أرجو الخير كله إلا بعد الموت؟ وما رأيت الله رضى بالخلود في الدنيا، لأحد من خلقه إلا لأبغض خلقه إليه وأهونهم عليه: إبليس؛ ولقد رأيت العبد الصالح يسأل ربه فقال: رب هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي
»
ففعل، ثم اضمحل ذلك فكأنه لم يكن.
[وله حين أراد الحج واستخلف ولده:]
وأراد الحجاج أن يحج، فاستخلف محمدا ولده على أهل العراق، ثم خطب، فقال:
يأهل العراق، يأهل الشقاق والنفاق، إني أردت الحج، وقد استخلفت عليكم محمدا ولدي، وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصي به رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الأنصار؛ فإنه أوصى فيهم أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم؛ وإني أوصيته أن يقبل من محسنكم، وأن لا يتجاوز عن مسيئكم! ألا وإنكم قائلون بعدي مقالة لا يمنعكم من إظهارها إلا خوفي: لا أحسن الله له الصحابة! وأنا أعجل لكم الجواب: فلا أحسن الله عليكم الخلافة! ثم نزل.