وحلمه شيب القذال عن الصّبا ... وللشيب عن بعض الغواية زاجر «١»
فأقصر جهلي اليوم وآرتدّ باطلي ... عن اللهو لمّا آبيضّ مني الغدائر
على أنه قد هاجه بعد صحوة ... بمعرض ذي الآجام عس بواكر «٢»
ولما دنت من جانب الغوط أخصبت ... وحلّت فلاقاها سليم وعامر
وخبّرها الركبان أن ليس بينها ... وبين قرى بصرى ونجران كافر
فألقت عصاها واستقرّت بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر «٣»
فاستعار هذا البيت الأخير من المعقر البارقي، ولا أحسبه استجاز ذلك إلا لاستعمال العامة له وتمثلهم به.
يوم مقتل الحارق بن ظالم بالخربة «٤»
قال أبو عبيدة: لما قتل الحارث بن ظالم خالد بن جعفر الكلابي، أتى صديقا له من كندة فالتف عليه، فطلبه الملك فخفى ذكره حتى شخص من عند الكندي، وأضمرته «٥» البلاد حتى استجار بزياد أحد بني عجل بن لجيم، فقام بنو ذهل بن ثعلبة وبنو عمرو بن شيبان فقالوا لعجل: أخرجوا هذا الرجل من بين أظهركم، فإنه لا طاقة لنا بالشهباء ودوسر- وهما كتيبتان للأسود بن المنذر- ولا بمحاربة الملك فأبت ذلك عليهم عجل، فلما رأى ذلك الحارث بن ظالم كره أن تقع بينهم فتنة بسببه، فارتحل من بني عجل إلى جبلي طيء، فأجاروه، فقال في ذلك:
لعمري لقد حلّت بي اليوم ناقتي ... على ناصر من طيّىء غير خاذل
فأصبحت جارا للمجرّة فيهم ... على باذخ يعلو يد المتطاول «٦»
إذا أجا لفّت عليّ شعابها ... وسلمى فأنّى أنتم من تناولي «٧»