الركاب برّا وتمرا وثيابا. فجعل النابغة يستعجل فيأكل الحبّ صرفا. فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى! لقد بلغ به الجهد. قال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ما ولّيت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت خيرا فأنجزت، فأنا والنبيون فرّاط القاصفين.
قال الزبير بن بكار: الفارط: الذي يتقدم إلى الماء يصلح الرّشاء والدّلاء والقاصف: الذي يتقدم لشراء الطعام.
[وفود أهل الكوفة على ابن الزبير رحمه الله تعالى]
قال: لما قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد، خرج حاجّا فقدم على أخيه عبد الله بن الزّبير بمكة ومعه وجوه أهل العراق، فقال له: يا أمير المؤمنين جئتك بوجوه أهل العراق، لم أدع لهم بها نظيرا، لتعطيهم من هذا المال. قال: جئتني بعبيد أهل العراق لأعطيهم مال الله. والله لا فعلت. فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم، قال لهم: يا أهل الكوفة، وددت والله أن لي بكم من أهل الشام صرف الدينار والدرهم، بل لكل عشرة رجلا. قال عبيد الله بن ظبيان: أتدري يا أمير المؤمنين ما مثلنا ومثلك فيما ذكرت؟ قال: وما ذلك؟ قال: فإن مثلنا ومثلك ومثل أهل الشام كما قال أعشى بكر من وائل:
علّقتها عرضا وعلّقت رجلا ... غيري وعلّق أخرى غيرها الرّجل «١»
أحببناك نحن، وأحببت أنت أهل الشام، وأحبّ أهل الشام عبد الملك.
ثم النصرف القوم من عنده خائبين. فكاتبوا عبد الملك بن مروان وغدروا بمصعب بن الزبير.