هذه الأمة من قولها: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ
«١» ولو أعطيها أحد لأعطيها يعقوب حيث يقول: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ! وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
«٢» .
وعزى رجل رجلا بابن له فقال له: لو ذهب أبوك وهو أصلك، وذهب ابنك وهو فرعك؛ فما بقاء من ذهب أصله وفرعه.
[تعازي الملوك]
[لأكتم يعزي ابن هند:]
العتبي قال: عزى أكثم بن صيفي عمرو بن هند ملك العرب على أخيه، فقال له:
أيها الملك، إن أهل هذه الدار سفر لا يحلون عقد الرّحال إلا في غيرها، وقد أتاك ما ليس بمردود عنك، وارتحل عنك ما ليس براجع إليك، وأقام معك من سيظعن عنك ويدعك؛ واعلم أنّ الدنيا ثلاثة أيام: فأمس عظة وشاهد عدل، فجعك بنفسه، وأبقى لك وعليك حكمته. واليوم: غنيمة وصديق، أتاك ولم تأته، طالت عليك غيبته، وستسرع عنك رحلته. وغد: لا تدري من أهله، وسيأتيك إن وجدك! فما أحسن الشكر للمنعم، والتسليم للقادر! وقد مضت لنا أصول نحن فروعها، فما بقاء الفروع بعد أصولها؟ واعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف منها، وخير من الخير معطيه، وشر من الشر فاعله.
[في مهلك المنصور:]
لما هلك أمير المؤمنين المنصور، قدمت وفود الأمصار على أمير المؤمنين المهدي، وقدم فيهم أبو العيناء المحدّث؛ فتقدم إلى التعزية فقال: آجر الله أمير المؤمنين على أمير المؤمنين قبله، وبارك لأمير المؤمنين فيما خلفه له؛ فلا مصيبة أعظم من مصيبة إمام والد، ولا عقبى أفضل من خلافة الله على أوليائه؛ فاقبل من الله أفضل العطية،