دعوت الّذي ناداه يونس بعدما ... ثوى في ثلاث مظلمات ففرّجا
فأصبحت تحت الأرض قد سرت ليلة ... وما سار سار مثلها حين أدلجا «١»
خرجت ولم تمنن عليك شفاعة ... سوى حثّك التّقريب من آل أعجوجا
ودخل الناس على ابن هبيرة بعد ما أمّنه هشام بن عبد الملك يهنئونه ويحمدون له رأيه، فقال متمثلا:
من يلق خيرا يحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما
ثم قال لهم: ما كان قولكم لو عرض لي أو أدركت في طريقي؟
ومثل هذا قول القطامي:
والنّاس من يلق خيرا قائلون له ... ما يشتهي ولأمّ المخطيء الهبل «٢»
[لخصي مسلمة عن خلاص ابن هبيرة:]
عبد الله بن سوّار قال: قال لي الربيع الحاجب: أتحب أن تسمع حديث ابن هبيرة مع مسلمة؟ قلت: نعم. قال: فأرسل لخصيّ كان لمسلمة يقوم على وضوئه فجاءه.
فقال: حدّثنا حديث ابن هبيرة مع مسلمة. قال: كان مسلمة بن عبد الملك يقوم من الليل فيتوضّأ ويتنفّل حتى يصبح، فدخل على أمير المؤمنين؛ فإني لأصبّ الماء على يديه من آخر الليل وهو يتوضأ؛ إذ صاح صائح من وراء الرّواق: أنا بالله وبالأمير.
فقال مسلمة: صوت ابن هبيرة! اخرج إليه. فخرجت إليه ورجعت فأخبرته. فقال:
أدخله. فدخل فإذا رجل يميد نعاسا، فقال: أنا بالله وبالأمير. قال: أنا بالله وأنت بالله. ثم قال: أنا بالله وبالأمير. قال: أنا بالله وأنت بالله. حتى قالها ثلاثا ثم قال: أنا بالله. فسكت عنه ثم قال لي: انطلق به فوضّئه وليصلّ، ثم اعرض عليه أحبّ الطعام إليه فأته به، وافرش له في تلك الصّفّة- لصفّة بين يدي بيوت النساء- ولا توقظه حتى يقوم متى قام. فانطلقت به فتوضأ وصلّى، وعرضت عليه الطعام فقال: شربة