خرطومها رقيق. قال العتابي: فبقي الأصمعي باهتا إليّ ضاحكا لا يحير مسألة ولا جوابا.
[من صفات الكاتب:]
ولا يكون الكاتب كاتبا حتى لا يستطيع أحد تأخير أوّل كتابه وتقديم آخره.
وأفضل الكتاب ما كان في أول كتابه دليل على حاجته، كما أن أفضل الأبيات ما دل أول البيت على قافيته؛ فلا تطيلنّ صدر كتابك إطالة تخرجه عن حدّه، ولا تقصر به دون حدّه؛ فإنهم قد كرهوا في الجملة أن تزيد صدور كتب الملوك على سطرين أو ثلاثة أو ما قارب ذلك.
وقيل للشعبي: أي شيء تعرف به عقل الرجل؟ قال: إذا كتب فأجاد.
وقال الحسن بن وهب: الكاتب نفس واحدة، تجزأت في أبدان متفرقة.
فأمّا الكاتب المستحقّ اسم الكتابة، والبليغ المحكوم له بالبلاغة، من إذا حاول صيغة كتاب، سالت عن قلمه عيون الكلام من ينابيعها، وظهرت معادنها وندرت من مواطنها من غير استكراه ولا اغتصاب.
[بين العتابي وصديق له:]
بلغني أن صديقا لكلثوم العتابي أتاه يوما فقال له: اصنع لي رسالة. فاستمد مدة ثم علق القلم؛ فقال له صاحبه: ما أرى بلاغتك إلا شاردة عنك. فقال له العتابي: إني لما تناولت القلم تداعت عليّ المعاني من كل جهة، فأحببت أن أترك كل معنى حتى يرجع إلى موضعه؛ ثم أجتني لك أحسنّها.
[بين يزيد وكاتب له:]
قال أحمد بن محمد: كنت عند يزيد بن عبد الله أخي ذبيان، وهو يملي على كاتب له؛ فأعجل الكاتب ودارك في الإملاء عليه، فتلجلج لسان قلم الكاتب عن تقييد