.. وكما أمر بالاستنجاء بثلاثة أحجار للتنقية من الأذى، فأجازوا كل ما أنقى من الخزف والخرق وغير ذلك، وحملوه محمل الأحجار الثلاثة، ولما حرمت الخمر بعلّة هي قائمة في النبيذ المسكر، حمل النبيذ محمل الخمر في التحريم.
قالوا: ووجدناهم يقولون لمن غلب عليه غنث «١» النفس وصداع الرأس من الخمر: مخمور، وبه خمار، ويقال مثل ذلك في شارب النبيذ، ولا يقولون: منبوذ ولا به نباذ. والخمار مأخوذ من الخمر، كما يقال الكباد في وجع الكبد، والصدار في وجع الصدر.
... وذهبوا في تحريم النبيذ إلى حديث أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه نهى أن ينبذ في الدباء والمزفّت «٢» .
... وقالوا: لمن أجاز قليل ما أسكر كثيره: إنه ليس بين شارب المسكر وموافقة السكر حد ينتهى إليه ولا يوقف عنده، ولا يعلم شارب المسكر متى يسكر، كما لا يعلم الناس متى يرقد؛ وقد يشرب الرجل من الشراب المسكر قدحين وثلاثة أقداح ولا يسكر، ويشرب منه غيره قدحا واحدا فيسكر؛ لأنه قد يختلف طبع الرجل في نفسه، فيسكر مرة من القدحين، ويشرب مرة أخرى ثلاثة أقداح فلا يسكر.
[رسالة عمر بن عبد العزيز إلى أهل الأمصار في الأنبذة]
«أما بعد فإن الناس كان منهم في هذا الشراب المحرّم أمر ساءت فيه رعة «٣» كثير منهم، [وجمعوا مما يغشون به مما حرم اللَّه حراما كثيرا نهوا عنه] عند سفه أحلامهم، وذهاب عقولهم، فاستحلّ به الدم الحرام، والفرج الحرام؛ وأن رجالا