وهو بين قريش وكنانة كلها وهوازن، وإنما هاجها البرّاض بقتله عروة الرّحال ابن عتبة بن جعفر بن كلاب، فأبت أن تقتل بعروة: البراض، لأن عروة سيد هوازن، والبراض خليع من بني كنانة، أرادوا أن يقتلوا به سيدا من قريش.
وهذه الحروب كانت قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم بست وعشرين سنة وقد شهدها النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو ابن أربع عشرة سنة مع أعمامه. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: كنت أنبل على أعمامي يوم الفجار وأنا ابن أربع عشرة سنة يعني أنا ولهم النبل.
وكان سبب هذه الحرب أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة كان يبعث [إلى] سوق عكاظ في كل عام لطيمة «١» في جوار رجل شريف من أشراف العرب، يجيرها له حتى تباع هناك ويشترى له بثمنها من أدم الطائف ما يحتاج إليه، وكانت سوق عكاظ تقوم في أول يوم من ذي القعدة، فيتسوّقون إلى حضور الحج، ثم يحجون، وكانت الأشهر الحرم أربعة أشهر: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، وعكاظ بين نخلة والطائف، وبينها وبين الطائف نحو من عشرة أميال، وكانت العرب تجتمع فيها للتجارة والتّهيّؤ للحج، من أول ذي القعدة إلى وقت الحج، ويأمن بعضها بعضا، فجهز النعمان: عير اللطيمة، ثم قال: من يجيرها؟ فقال البراض بن قيس الضّمري: أنا أجيرها على بني كنانة. فقال النعمان ما أريد إلا رجلا يجيرها على أهل نجد وتهامة. فقال عروة الرحّال، وهو يومئذ رجل هوازن: أكلب خليع يجيرها لك؟
أبيت اللعن أنا أجيرها لك على أهل الشيح «٢» والقيصوم «٣» من أهل نجد وتهامة! فقال البراض: أعلى بني كنانة تجيرها يا عروة؟ قال: وعلى الناس كلهم! فدفعها النعمان إلى عروة، فخرج بها وتبعه البراض، وعروة لا يخشى منه شيئا، لأنه كان بين ظهراني