وأما سارة فإنها كانت مولاة لقريش، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واشتكت إليه الحاجة، فأعطاها شيئا؛ ثم أتاها رجل فبعث معها كتابا إلى أهل مكة يتقرّب به إليهم ليحفظ في عياله، وكان عياله بمكة، فأخبر جبريل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، فلحقاها، ففتشاها فلم يقدرا على شيء، فأقبلا راجعين، ثم قال أحدهما لصاحبه: والله ما كذّبنا ولا كذبنا، ارجع بنا إليها! فرجعا إليها، فسلا سيفيهما، ثم قالا: لتدعنّ إلينا الكتاب أو لنذيقنك الموت! فأنكرته، ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا تردّاني إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فقبلا منها ذلك، فحلّت عقاص «١» رأسها وأخرجت الكتاب من قرن من قرونها؛ فرجعا بالكتاب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فدفعاه إليه؛ فدعا الرجل وقال له: ما هذا الكتاب؟
فقال له: أخبرك يا رسول الله، إنه ليس ممن معك أحد إلا وله بمكة من يحفظه في عياله غيري؛ فكتبت بهذا الكتاب ليكافئوني في عيالي! فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
«٢» .
[المصعب وقتل مرة]
: أمر المصعب بن الزبير رجلا من بني أسد بن خزيمة بقتل مرة بن محكان السعدي، فقال مرة:
بني أسد إن تقتلوني تحاربوا ... تميما إذا الحرب العوان اشمعلّت «٣»
ولست وإن كانت إليّ حبيبة ... بباك على الدنيا إذا ما تولّت