للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنعم كفّا، ولا أندى راحة «١» منك يا أمير المؤمنين. قال: فأعظم له الجائزة على شعره، وأضعف له على كلامه وأقبل عليه بوجهه وبشره، فبسطه حتى تمنى جميع من حضره أنهم قاموا مقامه.

[عمر بن عبد العزيز ووفد العراق ومحمد القرظي:]

حدّث العتبي عن سفيان بن عيينة قال: قدم على عمر بن عبد العزيز ناس من أهل العراق، فنظر إلى شاب منهم يتحوّش «٢» للكلام، فقال: أكبروا أكبروا. فقال:

يا أمير المؤمنين، إنه ليس بالسنّ، ولو كان الأمر كله بالسنّ لكان في المسلمين من هو أسنّ منك. فقال عمر: صدقت رحمك الله، تكلم. فقال: يا أمير المؤمنين، إنّا لم نأتك رغبة ولا رهبة؛ أما الرغبة فقد دخلت علينا منازلنا وقدمت علينا بلادنا؛ وأما الرهبة فقد أمننا الله بعدلك من جورك. قال: فما أنتم؟ قال: وفد الشكر. قال: فنظر محمد بن كعب القرظي إلى وجه عمر يتهلل، فقال: يا أمير المؤمنين؛ لا يغلبنّ جهل القوم بك معرفتك بنفسك؛ فإن ناسا خدعهم الثناء وغرّهم شكر الناس فهلكوا، وأنا أعيذك بالله أن تكون منهم. فألقى عمر رأسه على صدره.

[التنصل والاعتذار]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «من لم يقبل من متنصّل «٣» عذرا، صادقا كان أو كاذبا، لم يرد عليّ الحوض» .

وقال: «المعترف بالذنب كمن لا ذنب له. وقال: الاعتراف يهدم الاقتراف» «٤» .

وقال الشاعر:

إذا ما امرؤ من ذنبه جاء تائبا ... إليك فلم تغفر له فلك الذّنب