خطب الحجاج فقال: اللهم أرني الغيّ غياّ فأجتنبه، وأرني الهدى هدى فأتبعه، ولا تكلني إلى نفسي فاضلّ ضلالا بعيدا! والله ما أحب أن ما مضى من الدنيا لي بعمامتي هذه، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء.
[وخطبة للحجاج]
قال الهيثم بن عدي: خرج الحجاج بن يوسف يوما من القصر بالكوفة، فسمع تكبيرا في السوق، فراعه ذلك، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يأهل العراق، يأهل الشقاق والنفاق ومساويء الأخلاق، وبني اللكيعة «١» ، وعبيد العصا، وأولاد الإماء، والفقه «٢» بالقرقر «٣» إني سمعت تكبيرا لا يراد به الله وإنما يراد به الشيطان؛ وإنما مثلي ومثلكم ما قال ابن براقة الهمداني:
وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم ... فهل أنا في ذا يا لهمدان ظالم؟
متى تجمع القلب الذّكيّ وصارما ... وأنفا حميا تجتنبك المظالم! «٤»
أما والله لا تقرع عصا بعصا إلا جعلتها كأمس الدابر. «٥»
[خطبة الحجاج بعد دير الجماجم]
خطب أهل العراق فقال:
يأهل العراق، إن الشيطان استبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف والأعضاء والشغاف «٦» : ثم أفضى إلى المخانخ «٧» والصمائخ «٨» ، ثم ارتفع فعشش؛ ثم باض وفرخ، فحشاكم شقاقا ونفاقا، أشعركم خلافا اتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه،