فلا تكتحل عيناك فيها بعبرة ... على ذاهب منها فإنك ذاهب
وقال أبو العتاهية:
أصبحت الدنيا لنا فتنة ... والحمد لله على ذلكا
قد أجمع الناس على ذمّها ... ما إن ترى منهم لها تاركا
وقال إبراهيم بن أدهم:
نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
وما سمعت في صفة الدنيا والسبب الذي يحبها الناس لأجله بأبلغ من قول القائل.
نراع بذكر الموت في حين ذكره ... وتعترض الدّنيا فنلهو ونلعب
ونحن بنو الدّنيا خلقنا لغيرها ... وما كنت منه فهو شيء محبّب
فذكر أن الناس بنو الدنيا وما كان الإنسان منه فهو محبب إليه.
واعلم أن الإنسان لا يحب شيئا إلا أن يجانسه في بعض طبائعه، وأن الدنيا جانست الإنسان في طبائعه كلها فأحبها بكل أطرافه.
[ابن شبرمة وولده:]
وقال بعض ولد ابن شبرمة: كنت مع أبي جالسا قبل أن يلي القضاء فمرّ به طارق ابن أبي زياد في موكب نبيل، فلما رآه أبي تنفّس الصّعداء، وقال:
أراها وإن كانت تحبّ كأنها ... سحابة صيف عن قليل تقشّع»
ثم قال: اللهم لي ديني ولهم دنياهم. فلما ابتلى بالقضاء، قلت: يا أبت، أتذكر يوم طارق؟ فقال: يا بني إنهم يجدون خلفا من أبيك وإن أباك لا يجد خلفا منهم إن أباك خطب في أهوائهم وأكل من حلوائهم.