تسلّط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلّا «١» ولا ذمّة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك. ولا يغرّنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك.
ولا تنظرنّ إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غدا وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله تعالى في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين، وقد عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ
«٢» .
إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النّهى من قبلي، فلم آلك «٣» شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
[هيبة الإمام في تواضعه]
[لابن السماك]
: قال ابن السماء لعيسى بن موسى: تواضعك في شرفك أكبر من شرفك! وقال عبد الملك بن مروان: أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوّة.
[النجاشي وقد ولد له ولد]
: ذكر عن النجاشي أمير الحبشة أنه أصبح يوما جالسا على الأرض والتاج على رأسه، فأعظم ذلك أساقفته؛ فقال لهم: إني وجدت فيما أنزل الله تعالى على المسيح عليه السلام، يقول له: إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع إليّ أتممتها عليه، وإني ولد لي الليلة غلام، فتواضعت لذلك شكرا لله تعالى.