للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ير في المجلس غير عبد الله، فقال: مجلس من هذا؟ قال: مجلس فلان. قال معاوية:

مره يرجع إلى مجلسه. ثم قال: مجلس من هذا؟ قال: مجلس فلان. قال: مره يرجع إلى مجلسه ... حتى لم يبق إلا مجلس رجل، فقال: مجلس من هذا؟ قال: مجلس رجل يداوي الآذان، يا أمير المؤمنين! قال له معاوية: فإنّ أذني عليلة، فمره فليرجع إلى موضعه. وكان موضع بديح المغني، فأمره ابن جعفر، فرجع إلى موضعه، فقال له معاوية: داو أذني من علّتها! فتناول العود ثم غنى:

أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم ... بحومانة الدرّاج فالمتثلم «١»

فحرّك عبد الله بن جعفر رأسه، فقال معاوية: لم حرّكت رأسك يا بن جعفر؟

قال: أريحيّة أجدها يا أمير المؤمنين، لو لاقيت عندها لابليت، ولئن سئلت عندها لأعطيت! وكان معاوية قد خضب «٢» ، فقال ابن جعفر لبديح: هات غير هذا.

وكانت عند معاوية جارية أعزّ جواريه عنده، كانت متولية خضابه، فغناه بديح:

أليس عندك شكر للتي جعلت ... ما ابيض من قادمات الشعر كالحمم «٣»

وجدّدت منك ما قد كان أخلقه ... صرف الزمان وطول الدهر والقدم

فطرب معاوية طربا شديدا وجعل يحرك رجله، فقال ابن جعفر: يا أمير المؤمنين سألتني عن تحريك رأسي فأخبرتك، وأنا أسألك عن تحريك رجلك! فقال معاوية:

كلّ كريم طروب. ثم قام وقال: لا يبرح أحد منكم حتى يأتيه إذني. فبعث إلى ابن جعفر بعشرة آلاف دينار، ومائة ثوب من خاص ثيابه، وإلى كل رجل منهم بألف دينار وعشرة أثواب.

[هو ومغنية سمعها]

: وعن ابن الكلبي والهيثم بن عدي، قالا: بينا عبد الله بن جعفر في بعض أزقة المدينة، إذ سمع غناء، فأصغى إليه، فإذا بصوت شجيّ رقيق لقينة تغني: