وأرسله إلى أبيه، وأما حسان بن المنذر، فأسره بشر بن عمرو الرياحي، ثم منّ عليه وأرسله، فقال مالك بن نويرة:
ونحن عقرنا مهر قابوس بعد ما ... رأى القوم منه الموت والخيل تلحب «١»
عليه دلاص ذات نسج وسيفه ... جراز من الهنديّ أبيض مقضب «٢»
طلبنا بها إنا مداريك قبلها ... إذا طلب الشّأ والبعيد المغرّب
يوم فيف الريح «٣»
قال أبو عبيدة: تجمعت قبائل مذحج، وأكثرها بنو الحارث بن كعب، وقبائل من مراد وجعفي وزبيد وخثعم، وعليهم أنس بن مدركة، وعلى بني الحارث الحصين، فأغاروا على بني عامر بن صعصعة بفيف الريح، وعلى بني عامر، عامر بن مالك ملاعب الاسنة.
قال: فاقتتل القوم فكثروهم «٤» . وارفضت قبائل من بني عامر، وصبرت بنو نمير، فما شبهوا إلا الكلاب المتعاظلة «٥» حول اللواء، وأقبل عامر بن الطفيل وخلفه دعيّ بن جعفر، فقال: يا معشر الفتيان، من ضرب ضربة او طعن طعنة فليشهدني فكان الفارس إذا ضرب ضربة او طعن طعنة قال عند ذلك: يا أبا علي! فبينما هو كذلك إذ أتاه مسهر بن يزيد الحارثي، فقال له من ورائه: عندك يا عامر! والرمح عند أذنه، فوهصه- أي طعنه فأصاب عينه- فوثب عامر عن فرسه، ونجا على رجليه، وأخذ مسهر رمح عامر. ففي ذلك يقول عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر:
لعمري وما عمري علي بهيّن ... لقد شان حر الوجه طعنة مسهر