كانت له منزلة من يزيد بن معاوية. قال نافع: فلما قدمنا عليه أمر لعبد الله بن جعفر بألف ألف، وقضى عنه ألف ألف، ثم نظر إليّ فتبسم، فقلت: هذه لتلك الليلة.
وكنت سامرته ليلة في خلافة معاوية وأسمعته فيها، فذكرته بها وقدمت عليه هدايا من مصر كثيرة، فأمر بها لعبد الله بن جعفر؛ وكانت له مائة ناقة، فقلت لابن جعفر: لو سألته منها شيئا نحتلبه في طريقنا؟ ففعل، فأمر بصرفها كلها إليه. فلما أراد الوداع أرسل إليّ فدخلت عليه، فقال: ويلك! إنما أخّرتك لأتفرغ إليك، هات قول جميل.
خليليّ فيما عشتما هل رأيتما ... قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلي
قال؛ فأسمعته، فقال: أحسنت والله؛ هات حاجتك! فما سألته شيئا إلا أعطانيه، فقال: إن يصلح الله هذا الأمر من قبل ابن الزبير تلقنا بالمدينة؛ فإن هذا لا يحسن إلا هناك. فمنع والله من ذلك شؤم ابن الزبير.
[وفود عبد الله بن جعفر على عبد الملك بن مروان]
قال بديح: وفد عبد الله بن جعفر على عبد الملك بن مروان، وكان زوّج ابنته أم كلثوم من الحجاج على ألفي ألف في السر وخمسمائة ألف في العلانية، وحملها إليه إلى العراق، فمكثت عنده ثمانية أشهر. قال بديح: فلما خرج عبد الله بن جعفر إلى عبد الملك بن مروان، خرجنا معه حتى دخلنا دمشق، فإنا لنحطّ رحالنا إذ جاءنا الوليد بن عبد الملك على بغلة وردة ومعه الناس، فقلنا: جاء إلى ابن جعفر ليحييه ويدعوه إلى منزله. فاستقبله ابن جعفر بالترحيب، فقال له: لكن أنت لا مرحبا بك ولا أهلا! فقال: مهلا يا بن أخي، فلست أهلا لهذه المقالة منك. قال: بلى، ولشرّ منها، قال: وفيم ذلك؟ قال: إنك عمدت إلى عقيلة نساء العرب، وسيدة بني عبد مناف، ففرشتها عبد ثقيف يتفخّذها. قال: وفي هذا عتب عليّ يا بن أخي؟ قال: وما أكثر من هذا؟ قال: والله إنّ أحق الناس أن لا يلومني في هذا لأنت وأبوك؛ إن كان من