وقال زياد لأصحابه: من أغبط الناس عيشا؟ قالوا: الأمير وأصحابه. قال: كلا؛ إنّ لأعواد المنبر لهيبة، ولقرع لجام البريد لفزعة. ولكن أغبط الناس عيشا رجل له دار يسكنها، وزوجة صالحة يأوي إليها، في كفاف من عيش، لا يعرفنا ولا نعرفه؛ فإن عرفنا وعرفناه أفسدنا عليه آخرته ودنياه.
وقال الشاعر:
إنّ الملوك بلاء حيثما حلّوا ... فلا يكن لك في أكنافهم ظل
ماذا تريد بقوم إن هم غضبوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملّوا
فاستغن بالله عن إتيانهم أبدا ... إنّ الوقوف على أبوابهم ذلّ
وقال آخر:
لا تصحبنّ ذوي السّلطان في عمل ... تصبح على وجل تمسي على وجل «١»
كل التّراب ولا تعمل لهم عملا ... فالشّرّ أجمعه في ذلك العمل
وفي كتاب كليلة ودمنة: صاحب السلطان مثل راكب الأسد: لا يدري متى يهيج به فيقتله.
[مالك بن دينار وسجين:]
ودخل مالك بن دينار على رجل في السجن يزوره، فنظر إلى رجل جنديّ قد اتكأ في رجليه كبول «٢» قد قرنت بين ساقيه، وقد أتي بسفرة كثيرة الألوان؛ فدعا مالك بن دينار إلى طعامه؛ فقال له: أخشى إن أكلت من طعامك هذا أن يطرح في رجلي مثل كبولك هذه.
وفي كتاب الهند: السلطان مثل النار: إن تباعدت عنها احتجت إليها، وإن دنوت منها أحرقتك.