لا جنّة «١» له إلا الابتهال إلى الله. إن الظلم مصرعه وخيم، فلا يغترّ بإبطاء الغياث من ناصر متى شاء أن يجيب أجاب، وقد أملى لقوم ليزدادوا إثما. فأمر أسد بالكفّ عنه.
[المأمون ورجل من خاصته:]
عتب المأمون على رجل من خاصّته، فقال: يا أمير المؤمنين، إن قديم الحرمة، وحديث التّوبة يمحوان ما بينهما من الإساءة. فقال: صدقت. ورضي عنه.
[ملك من ملوك فارس وصاحب مطبخه:]
وكان ملك من ملوك فارس عظيم المملكة شديد النّقمة، وكان له صاحب مطبخ، فلما قرّب إليه طعامه صاحب المطبخ سقطت نقطة من الطعام على يديه، فزوى لها الملك وجهه؛ وعلم صاحب المطبخ أنه قاتله، فكفأ الصحفة على يديه. فقال الملك: عليّ به، فلما أتاه قال له: قد علمت أن سقوط النقطة أخطأت بها يدك، فما عذرك في الثانية؟ قال: استحييت للملك أن يقتل مثلي في سني وقديم حرمتي في نقطة، فأردت أن أعظم ذنبي ليحسن به قتلي، فقال له الملك: لئن كان لطف الاعتذار ينجيك من القتل ما هو بمنجيك من العقوبة، اجلدوه مائة جلدة وخلّوه.
[المأمون ومحمد بن عبد الملك:]
الشيباني قال: دخل محمد بن عبد الملك بن صالح على المأمون حين قبض ضياعهم، فقال: يا أمير المؤمنين، محمد بن عبد الملك بين يديك، ربيب دولتك، وسليل نعمتك؛ وغصن من أغصان دوحتك؛ أتأذن في الكلام؟ قال: نعم قال: نستمنح الله حياطة ديننا ودنيانا، ورعاية أدنانا وأقصانا ببقائك؛ ونسأله أن يزيد في عمرك من أعمارنا، وفي أثرك من آثارنا، ويقيك الأذى بأسماعنا وأبصارنا. هذا مقام العائذ بفضلك، الهارب إلى كنفك وظلّك، الفقير إلى رحمتك وعدلك. ثم تكلم في حاجته، فقضاها.