للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصاة أبي سفيان وزوجه لابنهما معاوية حين عمل لعمر]

: ولما قدم معاوية من الشام، وكان عمر قد استعمله عليها، دخل على أمه هند؛ فقالت له: يا بنيّ، إنه قلما ولدت حرة مثلك، وقد استعملك هذا الرجل، فأعمل بما وافقه أحببت ذلك أم كرهته. ثم دخل على أبيه أبي سفيان؛ فقال له: يا بنيّ، إنّ هؤلاء الرهط «١» من المهاجرين سبقونا وتأخرنا عنهم، فرفعهم سبقهم وقصّر بنا تأخّرنا، فصرنا أتباعا وصاروا قادة؛ وقد قلّدوك جسيما من أمرهم؛ فلا تخالفن أمرهم، فإنك تجري إلى أمد لم تبلغه، ولو قد بلغته لتنفّست «٢» فيه.

قال معاوية: فعجبت من اتفاقهما في المعنى على اختلافهما في اللفظ.

[لا برويز ينصح صاحب بيت ماله]

: وقال أبرويز لصاحب بيت المال: إني لا أعذرك في خيانة درهم، ولا أحمدك على صيانة ألف ألف؛ لأنك إنما تحقن بذلك دمك وتقيم أمانتك، فإنك إن خنت قليلا خنت كثيرا. واحترس من خصلتين: النّقصان فيما تأخذ، والزيادة فيما تعطي؛ واعلم أني لم أجعلك على ذخائر الملك وعمارة المملكة والعدّة على العدوّ، إلا وأنت عندي آمن من موضعه الذي هو فيه، وخواتمه التي هي عليه، فحقّق ظني باختياري إياك أحقق ظنّك في رجائك إياي؛ ولا تتعوّض بخير شرّا، ولا برفعة ضعة، ولا بسلامة ندامة، [ولا بأمانة خيانة] «٣» .

[ليزيد بن معاوية ينصح سلما حين ولاه خراسان]

: ولما ولّى يزيد بن معاوية سلم بن زياد خراسان قال له: إنّ أباك كفى أخاه عظيما، وقد استكفيتك صغيرا؛ فلا تتكلنّ على عذر مني فقد اتكلت على كفاية منك.

وإياك مني قبل أن أقول إياي منك؛ فإن الظن إذا أخلف مني فيك أخلف منك فيّ؛ وأنت في أدنى حظك فاطلب أقصاه، وقد أتعبك أبوك فلا تريحن نفسك.