للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قولهم في الرقائق]

العتبي قال: ذكر أعرابي مصيبة فقال: والله تركت سود الرءوس بيضا، وبيض الوجوه سودا، وهوّنت المصائب بعدها.

أخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال يرثي آل أبي سفيان:

رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا «١»

فردّ شعورهن السود بيضا ... وردّ وجوههن البيض سودا

فإنك إذ سمعت بكاء هند ... ورملة إذ يلطمن الخدودا

بكيت بكاء موجعة بحزن ... أصاب الدهر واحدها الفريدا

قال: قيل لأعرابية أصيبت بابنها: ما أحسن عزاءك قالت: إنّ فقدي إياه أمّنني كل فقد سواه، وإن مصيبتي به هوّنت علي المصائب بعده؛ ثم أنشأت تقول:

من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر

كنت السواد لمقلتي ... فعليك يبكي الناظر

ليت المنازل والدّيا ... ر حفائر ومقابر

وقيل لأعرابي: كيف حزنك على ولدك؟ قال: ما ترك همّ الغداء والعشاء لي حزنا! وقيل لأعرابي: ما أذهب شبابك؟ قال: من طال أمده، وكثر ولده، وكثر ولده، وذهب جلده: ذهب شبابه.

وقيل لأعرابي: ما أنحل جسمك؟ قال: سوء الغذاء، وجدوبة المرعى، واختلاج الهموم في صدري. ثم أنشأ يقول:

الهمّ مالم تمضه لسبيله ... داء تضمّنه الضّلوع عظيم

ولرّبما استيأست ثم أقول لا ... إنّ الذي ضمن النجاح كريم