[هو والمنصور أيضا]
: وأوصل أبو دلامة إلى العبّاس بن منصور رقعة فيها هذه الأبيات:
قف بالديار وأيّ الدهر لم تقف ... على منازل بين السّهل والنجف
وما وقوفك في أطلال منزلة ... لولا الذي استحدثت في قلبك الكلف «١»
إن كنت أصبحت مشغوفا بجارية ... فلا وربّك لا يشفيك من شغف
ولا يزيدك إلّا العلّ من أسف ... فهل لقلبك من صبر على الأسف «٢»
هذي مقالة شيخ من بني أسد ... يهدي السّلام إلى العبّاس في الصّحف
تخطّها من جواري المصر كاتبة ... قد طالما ضربت في اللام والألف
وطالما اختلفت صيفا وشاتية ... إلى معلّمها بالّلوح والكتف
حتى إذا ما استوى الثّديان وامتلأت ... منها وخيفت على الإسراف والقرف «٣»
صينت ثلاث سنين ما ترى أحدا ... كما تصان ببحر درّة الصّدف
بينا الفتى يتمشّى نحو مسجده ... مبادرا لصلاة الصّبح بالسّدف «٤»
حانت له نظرة منها فأبصرها ... مطلّة بين سجفيها من الغرف
فخرّ في التّرب ما يدري غداتئذ ... أخرّ منكشفا أو غير منكشف
وجاءه القوم أفواجا بمائهم ... لينضحوا الرجل المغشىّ بالنّطف «٥»
فوسوسوا بقران في مسامعه ... خوفا من الجنّ والإنسان لم يخف ...
... شيئا، ولكنه من حبّ جارية ... أمسى وأصبح من موت على شرف
قالوا لك الخير ما أبصرت قلت لهم ... جنّيّة أقصدتني من بني خلف
أبصرت جارية محجوبة لهم ... تطلّعت من أعالي القصر ذي الشّرف
فقلت: أيّكم والله يأجره ... يعير قوّته منّي إلى ضعفي
فقام شيخ بهيّ من تجارهم ... قد طالما خدع الأقوام بالحلف