لا نعقل الرّجل ولا نديها ... حتى تروا داهية تنسيها
فالتقوا فاقتتلوا فجرحوا غيلان حتى ظنوا انهم قد قتلوه، ورئيس عمرو، كعب بن عمرو، ولواؤه مع ابنه ذؤيت وهو القائل لأبيه:
يا كعب إن أخاك منحمق ... إن لم يكن بك مرّة كعب
جانيك من يجني عليك وقد ... تعدي الصّحاح مبارك الجرب «١»
والحرب قد تضطرّ جانبها ... نحو المضيق ودونه الرّحب
يوم زرود «٢» الأول
غزا الحوفزان حتى انتهى إلى زورد خلف جبل من جبالها، فأغاروا على نعم كثير صادر عن الماء لبني عبس، فاحتازوه، وأتى الصريخ بني عبس، فركبوا، ولحق عمارة ابن زياد العبسي الحوفزان فعرفه- وكانت أم عمارة قد أرضعت مضر بن شريك، وهو أخو الحوفزان- فقال عمارة: يا بني شريك، قد علمتم ما بيننا وبينكم! قال الحوفزان، وهو الحارث بن شريك: صدقت يا عمارة، فانظر كل شيء هو لك فخذه! فقال عمارة: لقد علمت نساء بني بكر بن وائل أني لم أملأ أيدي أزواجهن وأبنائهن شفقة عليهن من الموت! فحمل عمارة ليعارض النعم «٣» ليردّه، وحال الحوفزان بينه وبين النعم، فعثرت بعمارة فرسه فطعنه الحوفزان، ولحق به نعامة بن عبد الله بن شريك فطعنه أيضا، وقال نعامة: ما كرهت الرمح في كفل «٤» رجل قط أشدّ من كفل عمارة! وأسر ابنا عمارة: سنان وشداد، وكان بني عبس رجلان من طيء ابنان لأوس بن حارثة، مجاورين لهم، وكان لهما أخ أسير في بني يشكر، فأصابا رجلا من بني مرة يقال له: معدان بن محرب، فذهبا به فدفناه «٥» تحت شجرة، فلما