الوجه، فلما مثل بين يديه قال له: يا أمير المؤمنين، أنا ابن حزم الأنصاري الذي يقول فينا الأحوص:
لا ترثين لحزميّ رأيت به ... ضرا ولو ألقي الحزميّ في النار
الناخسين لمروان بذي خشب ... والمدخلين على عثمان في الدار
ثم قال: يا أمير المؤمنين، حرمنا العطاء منذ سنين، قبضت أموالنا وضياعنا فقال له المنصور: أعد عليّ البيتين. فأعادهما عليه، فقال: أما والله لئن كان ذلك ضرّكم في ذلك الحين لينفعنّكم اليوم! ثم قال: عليّ بسليمان الكاتب. فأتاه أبو أيوب الخوزي، فقال: اكتب إلى عامل المدينة أن يردّ جميع ما اقتطعه بنو أمية من ضياع بني حزم وأموالهم، ويحسب لهم ما فاتهم من عطائهم، وما استغلّ من غلاتهم من يومئذ إلى اليوم؛ فيخلف لهم جميع ذلك من ضياع بني مروان، ويفرض لكل واحد منهم في شرف العطاء- وكان شرف العطاء يومئذ مائتي ألف دينار في السنة- ثم قال: عليّ الساعة بعشرة آلاف درهم تدفع إلى هذا الفتى لنفقته.
فخرج الفتى من عنده بما لم يخرج به أحد ممن دخل عليه.
[ذكر خلفاء بني العباس وصفاتهم ووزرائهم وحجابهم]
[أبو العباس السفاح]
ولد أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب مستهلّ رجب سنة أربع ومائة.
وبويع له بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
وتوفي بالأنبار لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، فكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر.