قال إسماعيل: فقلت: ناكك واللَّه الأسود! فقال: مالك أبعدك اللَّه! فو اللَّه لقد كتمت هذا الحديث مخافة هذا التأويل، حتى ضاق به صدري فرأيتك موضعا له! فبحقي عليك إن أذعته! قال إسماعيل: فما فهت به حتى مات.
[خبر ذي الرمة]
قال أبو صالح الفزاري: ذكرنا ذا الرّمة، فقال عصمة بن عبد الملك- شيخ منا قد بلغ عشرين ومائة سنة-: إياي فاسألوا عنه؛ كان من أظرف الناس، آدم، خفيف العارضين، حسن الضحك، حلو المنطق، وإذا أنشد جشّ صوته، وإذا راجعك لم تسأم حديثه وكلامه.
وكان له إخوة يقولون الشعر، منهم مسعود، وهشام وأوفى، وكانوا يقولون القصيدة فيزيد عليها الابيات فتذهب له.
فجمعني وإياه مرتبع، فأتاني يوما، فقال لي: هيا: [يا عصمة] ؛ إنّ مية منقرية، وبنو منقر أخبث حيّ، وأقفى للأثر، فهل عندك ناقة نردار عليها مية؟ قلت: واللَّه إنّ عندي الجؤذر. قال: عليّ بها.
فركبنا جميعا وخرجنا حتى أشرفنا على بيوت الحيّ، وإذا ببيت فيه ناحية، والقوم خلوف «١» ، والنساء في الرحال، فعرفن ذا الرمّة فتقوّض «٢» النساء إلى مية؛ وجئنا ثم أنخنا، ثم دنونا، فسلمنا وقعدنا نتحدّث؛ فإذا هي جارية أملود «٣» ، واردة «٤»