فقالت: أما واللَّه لا أفعل من ذلك شيئا أو تشركيني في حلوه ومره! قالت لها: تلك إذا قسمة ضيزى «١» . تعشقين أنت وأناك أنا! قالت أخرى منهنّ: قد أطلتن الخطاب في غير أدب، فسلن الرجل عن نيته، وقصده وبغيته، فلعله لغير ما أنتن فيه قصد.
فقلن: حيّاك اللَّه وأنعم عينا، ممن تكون؟ وممن أنت، وما تعاني؟ وإلام قصدت؟
فقلت: أمّا الاسم فالحسن بن هانىء، من اليمن، ثم من سعد العشيرة؛ وخير شعراء السلطان الأعظم، ومن يدنى مجلسه؛ ويتّقى لسانه، ويرهب جانبه؛ وأمّا قصدي فتبريد غلة، وإطفاء لوعة قد أحرقت الكبد وأذابتها! قالت: لقد أضفت إلى حسن المنظر كرم المخبر، وأرجو أن يبلغك اللَّه أمنيتك، وتنال بغيتك! ثم أقبلت عليهنّ فقالت: ما واحدة منكنّ غير ملتمسة مرغّبة؛ فتعالين نشترك فيه ونتقارع عليه، فمن واقعتها القرعة منا كانت هي البادئة! فاقترعن فوقعت القرعة على المليحة التي قامت بأمري ...
فعلّق إزار على باب الغار، وأدخلت فيه وأبطأت عليّ؛ وجعلت أتشوّف لدخول إحداهنّ عليّ، إذ دخل عليّ أسود كأنه سارية، وبيده شيء كالهراوة قد أنعظ بمثل رأس الحنيذ! قلت: ما تريد؟ قال: أنيكك! ثم صحت بصاحبي وكان متأنّيا مع الجواري؛ فو اللَّه ما تخلصت منه حتى خرجنا من الغار، وإذا هنّ يتضاحكن ويتهادين إلى الخيمات! فقلت لصاحبي: من أين أقبل الأسود؟ قال: كان يرعى غنما إلى جانب الغار، فدعونه فوسوسن إليه شيئا فدخل عليك. فقلت: أتراه كان يفعل بي شيئا؟ فقال: