وسئل أعرابي عن القدر فقال: الناظر في قدر الله كالناظر في عين الشمس:
يعرف ضوءها ولا يقف على حدودها.
وسئل آخر عن القدر فقال: علم اختصمت فيه العقول، وتقاول فيه المختلفون، وحق علينا أن نرد ما التبس علينا من حكمه إلى ما سبق من علمه.
وقال أعرابي تكوير «١» الليل والنهار، لا يبقي على الأعمار، ولا لأحد فيه الخيار.
[الحجاج وأعرابي:]
أبو حاتم عن الأصمعي قال: خرج الحجاج ذات يوم فأصحر «٢» ، وحضر غداؤه فقال: اطلبوا من يتغدّى معنا. فطلبوا، فلم يجدوا إلا أعرابيا في شملة، فأتوه به، قال له: هلم. قال له: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته! قال: ومن هو؟ قال: الله تبارك وتعالى، دعاني إلى الصيام، فأنا صائم. قال: صوم في مثل هذا اليوم على حر؟
قال صمت ليوم هو أحرّ منه! قال فأفطر اليوم وتصوم غدا. قال: ويضمن لي الأمير أن أعيش إلى غدّ! قال: ليس ذلك إلي قال: فكيف تسألني عاجلا بآجل ليس إليه سبيل! قال: إنه طعام طيب. قال: والله ما طيّبه خبازك ولا طباخك، ولكن طيبته العافية! قال الحجاج: تا لله ما رأيت كاليوم، أخرجوه عني.
[لأعرابي:]
أبو الفضل الرياشي قال: أنشدنا أعرابي:
أباكية رزينة إن أتاها ... نعيّ أم يكون لها اصطبار
إذا ما أهل ودّي ودّعوني ... وراحوا والأكف بها غبار
وغودر أعظمي في لحد قبر ... تعاوره الجنائب والقطار «٣»