قال ابن إسحاق صاحب المغازي: لما نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصفراء- وقال ابن هشام الأثيل- أمر عليّ بن أبي طالب بضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف صبرا بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فقالت أخته قتيلة بنت الحارث ترثيه:
يا راكبا إنّ الاثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفّق
أبلغ بها ميتا بأنّ تحية ... ما إن تزال بها النجائب تخفق «١»
هل يسمعنّي النضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميت لا ينطق
أمحمد يا خير ضنء كريمة ... من قومه والفحل فحل مغرق «٣»
ما كان ضرّك لو مننت وربما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق
فالنضر أقرب من أسرت قرابة ... وأحقّهم إن كان عتقا يعتق
ظلّت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله أرحام هناك تشقّق «٤»
صبرا يقاد إلى المنيّة متعبا ... رسف المقيّد وهو عان موثق «٥»
قال ابن هشام: قال النبي صلّى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر: لو بلغني قبل قتله ما قتلته.
[عمر بن الخطاب والخنساء في أخويها:]
الأصمعي قال: نظر عمر بن الخطاب إلى خنساء وبها ندوب في وجهها، فقال: ما هذه الندوب يا خنساء؟ قالت: من طول البكاء على أخويّ! قال لها: أخواك في النار! قالت: ذلك أطول لحزني عليهما؛ إني كنت أشفق عليهما من القتل، وأنا اليوم أبكي لهما من النار، وأنشدت: