فوضعها بين أيديهما، فقال له بكر بن إسماعيل، ما بقي منك يا طويس؟ قال: بقي كلّي يا أبا عمرو! قال: أفلا تسمعنا من بقاياك؟ قال: نعم. ثم دخل خيمته؛ فأخرج خريطة، وأخرج منها دبّا، ثم نقر وغنّى:
يا خليلي نابني سهدي ... لم تنم عيني ولم تكد
كيف تلحوني على رجل ... مؤنس تلتذّه كبدي «١»
مثل ضوء البدر صورته ... ليس بالزّمّيلة النكد «٢»
من بني آل المغيرة لا ... خامل نكس ولا جحد «٣»
نظرت عيني فلا نظرت ... بعده عين إلى أحد
ثم ضرب بالدف الأرض والتفت إلى سعيد بن عبد الرحمن فقال: يا أبا عثمان، أتدري من قائل هذا الشعر؟ قال: لا. قال: قالته خولة ابنة ثابت عمتك، في عمارة ابن الوليد بن المغيرة! ونهض، فقال له بكر: لو لم تقل ما قلته لم يسمعك ما أسمعك.
وبلغت القصة عمر بن عبد العزيز، فأرسل إليهما فسألهما، فأخبراه؛ فقال: واحدة بأخرى والبادي أظلم.
[هو والنعمان بن بشير]
: الأصمعي قال: حدّثني رجل من أهل المدينة، قال: كان طويس يتغنى في عرس رجل من الأنصار، فدخل النعمان بن بشير العرس، وطويس يتغنى:
أجدّ بعمرة عتبانها ... فتهجر أم شأننا شانها
وعمرة من سروات النسا ... ء تنفح بالمسك أردانها «٤»
فقيل له: اسكت! اسكت لأنّ عمرة أمّ النعمان بن بشير؛ فقال النعمان: إنه لم يقل بأسا، إنما قال: