للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقتل زيد بن علي أيام هشام بن عبد الملك]

كتب يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك: إن خالد بن عبد الله أودع زيد بن حسين بن علي بن أبي طالب مالا كثيرا. فبعث هشام إلى زيد فقدم عليه فسأله عن ذلك فأنكر، فاستحلفه فحلف؛ فخلّى سبيله. وأقام عند هشام بعد ذلك سنة، ثم دخل عليه في بعض الأيام، فقال له هشام: بلغني أنك تحدّث نفسك بالخلافة ولا تصلح لها لأنك ابن أمة! قال: أما قولك إني أحدث نفسي بالخلافة، فلا يعلم الغيب إلا الله؛ وأما قولك إني ابن أمة فهذا إسماعيل صلّى الله عليه وسلم ابن أمة، أخرج الله من صلبه خير البشر محمدا صلّى الله عليه وسلم، وإسحاق ابن حرة، أخرج الله من صلبه القردة والخنازير وعبدة الطاغوت «١» . وخرج زيد مغضبا، فقال زيد: ما أحبّ أحد الحياة إلا ذلّ! قال له الحاجب: لا يسمع هذا الكلام منك أحد. وخرج زيد حتى قدم الكوفة، فقال:

شرّده الخوف وأزرى به ... كذاك من يكره حرّ الجلاد «٢»

منخرق الخفين يشكو الوجى ... تنكبه أطراف مرو حداد «٣»

قد كان في الموت له راحة ... والموت حتم في رقاب العباد

ثم خرج بخراسان، فوجه يوسف بن عمر إليه الخيل وخرج في أثرهم حتى لقيه، فقاتله، فرمي زيد في آخر النهار بنشابة من نحره فمات، فدفنه أصحابه في حمأة كانت قريبة منهم، وتتبّع أصحاب زيد، فانهزم من انهزم وقتل من قتل، ثم أتي يوسف فقيل له: إن زيدا دفن في حمأة. فاستخرجه وبعث برأسه إلى هشام، ثم صلبه في سوق الكناسة «٤» ، فقال في ذلك أعور كلب، وكان مع يوسف في جيش أهل الشام: