العتبي قال: كانت الأعراب تنتجع هشام بن عبد الملك بالخطب كل عام، فتقدّم إليهم الحاجب يأمرهم بالإيجاز، فقام أعرابي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إنّ الله تبارك وتعالى جعل العطاء محبة؛ والمنه مبغضة؛ فلأن نحبك خير من أن نبغضك! فأعطاه وأجزل له.
الأصمعي قال: وقف أعرابي غنويّ على قوم؛ فقال بعد التسليم: أيها الناس، ذهب النّيل؛ وعجف الخيل «١» ؛ وبخس الكيل؛ فمن يرحم نضو سفر، وقل سنة، ويقرض الله قرضا حسنا. لا يستقرض الله من عدم، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم. ثم أنشأ يقول:
هل من فتى مقتدر معين ... على فقير بائس مسكين
أبي بنات وأبي بنين ... جزاه ربّي بالذي يعطيني
أفضل ما يجزى به ذو الدّين
[لبعض الأعراب:]
الأصمعي قال: سمعت أعرابيا يقول لرجل: أطعمك الله الذي أطعمتني له؛ فقد أحييتني بقتل جوعي، ودفعت عني سوء ظني بيومي؛ فحفظك الله على كل جنب، وفرج عنك كل كرب، وغفر لك كل ذنب.
وسأل أعرابيّ رجلا فاعتلّ عليه، فقال: إن كنت كاذبا فجعلك الله صادقا! وقال أعرابي للمأمون:
قل للإمام الذي ترجى فضائله ... رأس الأنام وما الأذناب كالراس
إني أعوذ بهرون وخفرته ... وبابن عمّ رسول الله عبّاس:«٢»
من أن تشدّ رحال العيس راجعة ... إلى اليمامة بالحرمان والياس «٣»