للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لحبيب:]

فوقّع أبو جعفر على كل بيت منها: صدقت صدقت. ثم دعا به وألحقه في خاصته. وقال حبيب الشاعر في هذا المعنى:

وإنّ أولى الموالي أن تواسيه ... عند السرور لمن واساك في الحزن

إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في الموطن الخشن

[حسن التخلص من السلطان]

[العباس بن سهل وعثمان بن حيان:]

أبو الحسن المدائني قال: كان العباس بن سهل والي المدينة لعبد الله بن الزبير، فلما بايع الناس عبد الملك بن مروان، ولّى عثمان بن حيّان المرّي وأمره بالغلظة على أهل الظنّة «١» . فعرض يوما بذكر الفتنة وأهلها، فقال له قائل: هذا العباس بن سهل على ما فيه، كان مع الزبير وعمل له. فقال عثمان بن حيّان: ويلي! والله لأقتلنّه.

قال العبّاس: فبلغني ذلك، فتغيّبت حتى أضرّ بي التغيّب، فأتيت ناسا من جلسائه فقلت لهم: مالي أخاف وقد أمّنني عبد الملك بن مروان؟ فقالوا: والله ما يذكرك إلا تغيّظ عليك، وقلّما كلّم على طعامه في ذنب إلا انبسط، فلو تنكّرت وحضرت عشاءه وكلمته.

قال: ففعلت، وقلت على طعامه، وقد أتي بجفنة ضخمة ذات ثريد ولحم: «والله لكأني أنظر إلى جفنة حيّان بن معبد، والناس يتكاوسون «٢» عليها، وهو يطوف في حاشيته يتفقّد مصالحها، يسحب أردية الخزّ، حتى إن الحسك ليتعلق به فما يميطه «٣» ، ثم يؤتى بجفنة تهادى بين أربعة ما يستقلّون بها إلا بمشقّة وعناء، وهذا بعد ما يفرغ الناس من الطعام ويتنّحون عنه، فيأتي الحاضر من أهله، والطاريء من أشراف