للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الضحاك بن قيس: إكداء العاقل وإجداء الجاهل. وقال سعيد بن العاص:

أعجب الأشياء ما لم ير مثله. وقال عمرو بن العاص: أعجب الأشياء غلبة من لا حقّ له ذا الحقّ على حقه. وقال معاوية: أعجب من هذا أن تعطي من لا حق له ما ليس له بحق من غير غلبة.

[معاوية وقوم من قريش:]

حضر قوم من قريش مجلس معاوية، فيهم عمرو بن العاص، وعبد الله بن صفوان بن أمية، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام؛ فقال عمرو: أحمد الله يا معشر قريش إذ جعل أمركم إلى من يغضي على القذى، ويتصام عن العوراء، ويجرّ ذيله على الخدائع. قال عبد الله: لو لم يكن كذلك لمسّنا إليه الضر أو دببنا إليه الخمر، ورجونا أن يقوم بأمرنا من لا يطعمك مال مصر. قال معاوية: يا معشر قريش، حتى متى لا تنصفون من أنفسكم؟ قال عبد الرحمن بن الحارث: إن عمرا أفسدك علينا وأفسدنا عليك. لو أغضبت عن هذه. قال: إن عمرا لي ناصح. قال عبد الرحمن:

فأطعمنا مثل ما أطعمته، وخذنا بمثل نصيحته؛ إنا رأيناك يا معاوية تضرب عوامّ قريش بأيديك في خواصها، كأنك ترى أن بكرامها جاروك دون لئامها، وإنا والله لنفرغ من إناء فعم في إناء ضخم، وكأنك بالحرب قد حل عقالها عليك من لا ينظر لك. قال معاوية: يا بن أخي، ما أحوج أهلك إليك! فلا تفجعهم بنفسك! ثم أنشد:

أعزّ رجالا من قريش تتابعوا ... على سفه، مني الحيا والتكرم «١»

[معاوية وابن الزبير:]

وقال معاوية لابن الزبير: تنازعني هذا الأمر كأنك أحق به مني! قال: لم لا أكون أحق به منك يا معاوية، وقد اتبع أبي رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الإيمان واتبع الناس أباك على الكفر؟ قال له معاوية: غلطت يا ابن الزبير بعث الله ابن عمي نبيا فدعا أباك فأجابه؛ فما أنت إلا تابع لي، ضالا كنت أو مهديّا.