دخل عمرو بن عبيد على المنصور وعنده ابنه المهدي، فقال له أبو جعفر: هذا ابن أمير المؤمنين، وولي عهد المسلمين؛ ورجائي أن تدعو له. فقال: يا أمير المؤمنين، أراك قد رضيت له أمورا يصير إليها وأنت عنه مشغول فاستعبر أبو جعفر وقال له عظني أبا عثمان! قال يا أمير المؤمنين! إنّ الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك منه ببعضها. هذا الذي أصبح في يديك لو بقي في يد من كان قبلك لم يصل إليك! قال: أبا عثمان أعنّي بأصحابك، قال: ارفع علم الحق يتبعك أهله؛ ثم خرج، فأتبعه أبو جعفر بصرّة، فلم يقبلها؛ وجعل [المنصور] يقول:
كلكم يمشي رويد ... كلّكم خاتل صيد «١»
غير عمرو بن عبيد
[خبر سفيان الثوري مع أبي جعفر]
لقي أبو جعفر سفيان الثوري في الطواف، وسفيان لا يعرفه، فضرب بيده على عاتقه وقال: أتعرفني؟ قال: لا، ولكنك قبضت عليّ قبضة جبّار، قال: عظني أبا عبد الله. قال: وما عملت فيم عملت فأعظك فيما جهلت؟ قال: فما يمنعك أن تأتينا؟ قال:
إن الله نهى عنكم فقال تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ
«٢» فمسح أبو جعفر يده به ثم التفت إلى أصحابه فقال: ألقينا الحب إلى العلماء فلقطوا إلا ما كان من سفيان فإنه أعيانا فرارا.