وجهه إليها وقال: بحياتي إلا أعطيتيه حق قيادته وفضوله! قالت: أما حق قيادته فعرك أذنه، وأما حق فضوله فصفع قفاه! فاستقبلني مسلم فعرك أذني وصفعني، فقلت: ما هذا؟ فقال: جرى الحكم عليك بما جرى لك من العذل والاستحقاق!
[الخدم والقيان]
[الحسين بن الضحاك وشفيع خادم المتوكل]
حدثنا عيسى بن أحمد الكاتب قال: قال الحسين بن الضحاك: دخلت على جعفر المتوكل، وشفيع الخادم ينضد وردا بين يديه- ولم يعرف في ذلك الزمان خادم كان أحسن منه ولا أجمل- وعليه ثياب مورّدة، فأمره أن يسقيني ويغمز كفي؛ ثم قال لي:
يا حسين، قل في شفيع. وقد كان حيّا المتوكل بوردة، فجعل المتوكل يشرب ويشمّ الوردة؛ فقلت:
وكالدّرّة الحمراء حيّا بأحمر ... من الورد يمشي في قراطق كالورد «١»
ويغمز كفّي عند كلّ تحيّة ... بكفّيه تستدعي الشجيّ إلى الورد «٢»
سقاني بكفّيه وعينيه شربة ... فأذكرني ما قد نسيت من العهد
سقى اللَّه دهرا لم أبت فيه ليلة ... من الدّهر إلا من حبيب على وعد!
فأمر المتوكل شفيعا أن يسقيني، وبعث معه إلي بتحايا في عبير وشمّامات «٣» وروي أن محمد بن عبد الملك الزيات وزير المتوكل كان يتعشق خادما للمتوكل يقال له شفيع، وكان الحسن بن وهب كاتبه كلفا بذلك الخادم: فلقيه الحسن بن وهب يوما، فسأله عن خبره، فأخبره أنه يريد أن يحتجم؛ فلم يبق بالعراق غريبة إلا بعث بها إليه، ولا ظريف من الأشربة إلا أدخله عليه، وكتب إليه بهذه الابيات:
ليت شعري يا أملح الناس عندي ... هل تعالجت بالحجامة بعدي؟