وسأل يحيى بن خالد ابا الحارث جمّين عن طعام رجل، فقال: أما مائدته فمقبّبة، وأما صحافه فمخروطة من حب الخردل، وبين الرغيف والرغيف فترة نبي. قال: فمن يحضرها؟ قال: الكرام الكاتبون. قال: فمن يأكل معه؟ قال: الذباب. قال له يحيى:
وأرى ثوبك مخرقا، أفلا يكسوك ثوبا وأنت في صحبته؟ قال: جعلت فداك، والله لو ملك بيتا من بغداد إلى الكوفة مملوءا إبرا، وفي كل ابرة منها خيط، وجاءه يعقوب يسأله إبرة منها يخيط بها قميص يوسف ابنه الذي قدّ من دبر، ومعه جبريل وميكائيل يضمنان عنده، لم يفعل.
[لابن مسلمة]
أخذ هذا المعنى محمد بن مسلمة، فقال يهجو ابن الاغلب:
لو أنّ قصرك يا ابن أغلب كلّه ... إبر يضيق بهن رب المنزل
وأتاك يوسف يستعيرك إبرة ... ليخيط قدّ قميصه لم تفعل! «١»
وقيل لجمّين: أتغذيت عند فلان! قال: لا، ولكنني مررت به يتغذى! قيل:
فكيف علمت أنه يتغذى؟ قال رأيت غلمانه ببابه في أيديهم قسى البندق يرمون الذباب في الهواء! وقال أبو الحارث جمّين: دخلت على فلان، فوضع بين أيدينا مائدة- كنا أشوق إلى الطعام إذ رفعت منا إليه إذ وضعت-!
[اعرابي على مائدة هشام]
وحضر اعرابي سفرة هشام بن عبد الملك، فبينا هو يأكل إذ تعلقت شعرة في لقمة الاعرابي، فقال له هشام: عندك شعرة في لقمنك يا اعرابي! قال: وإنك لتلاحظنني